🎠معركة القادسية🎠
الحلقة السادسة
قبل المعركة
سار سعْد بن أبي وقاص بالجيش متمهلاً، وكان إذا مرَّ بحيٍّ من أحياء العرب نَدَبهم إلى الجِهاد. وكان المثنَّى بن حارثة قد انسحب من الحيرة، ونزل مع جنده بذي قار، ينتظر وصولَ سعد بن أبي وقَّاص إليه، فلمَّا وصل سعدٌ بالجيش إلى مكان يقال له "زرود" انتفض جُرْح المثنَّى بن حارثة، الذي أصابه يوم الجِسْر، فمات قبل أن يَلْتقي بسعد، وكان كلُّ واحد منهما مشتاقًا لرؤية صاحبه، واصَل سعد سيرَه، حتى بلغ مكانًا يقال له "شراف" فعَسْكر به. قدم المعنى بن حارثة الشيباني بوَصية أخيه إلى سَعْد وهو بـ"شراف"، وكان من وصية المثنَّى لسعد: ألاَّ يتوغَّل في بلاد الفُرْس، وأن يقاتلَهم على حدود أرْضهم، على أدْنى حجر من أرض العرب، وأدنى مَدَرة من أرض العجم، وقد أكَّد عمر ذلك في كتابٍ وصل إلى سعد وهو بـ"شراف".
كتب عمر إلى سعد وهو بـ"شراف" يأمره بنزول "القادسية"، وأن يأخذَ الطرق والمسالك على الفُرْس، وأن يجعل على أنْقاب "القادسية" مسالح لحراسة المسلمين، ومراقبة العدو، وأمَرَه أن يلزم مكانَه في "القادسية" فلا يَبرحْه، وأن يبدأهم بالشدِّ والضرب، وأن يصف له "القادسية"، ويكتب له بأخباره وأخبار عدوِّه كأنَّه ينظر إليه، وأمَره أن يكون محتاطًا حذرًا، مستعدًا للقاء عدوِّه[32].
سار سعْدٌ بالجيش من "شراف"، فنزل "العُذَيْب"، ثم سار حتى نزل "القادسية"، فعسكر على حائط "قديس"، بحيال القنطرة، وجعل الخندق وراءَه. انضمَّ إلى سعد في "القادسية" جندُ المسلمين وقادتهم في العراق، فأصبح عددُ جيش المسلمين في القادسية قريبًا من ستة وثلاثين ألفًا، منهم ثلاثمائة من الصحابة، منهم بِضعة وسبعون من أهل بدر، وسَبْعمائة من أبناء الصحابة، وعدد مِن أعلام العرب وقادتهم وفرسانهم[33]، يُعدُّ جيش المسلمين في "القادسية" أكبرَ جيش عبَّأه المسلمون لفتْح بلاد العراق[34].
ظلَّ سعدٌ مقيمًا بالقادسية شهرًا دون أن يرى أحدًا من الفُرْس، فأرسل عددًا من السرايا تُغير على شاطئ الفرات ما بين "كسكر"، و"الأنبار"، وتعود بالغنائم، أراد سعد أن يعلم خبرَ عدوِّه، فأرسل عيونًا إلى "الحيرة"؛ ليأتوه بخبر الفُرْس، فذهبوا إلى هنالك ورجعوا إليه، وأخبروه بأنَّ مَلِك الفرس "يزدجرد" قد أعدَّ جيشًا كبيرًا لمنازلة المسلمين وطَرْدِهم من العراق، وقد هيَّأ لهذا الجيش كلَّ ما تملكه دولةُ فارس من عَدد وعُدَّة وعتاد حربي، وضمَّ إليه خِيرةَ رجال الفرس وقادتهم العسكريين، أمثال: الجالينوس والهرمزان، ومهران رازي والبيرزان، وبهمن جاذويه، وغيرهم، وأسند قيادةَ هذا الجيش إلى رستم بن الفرَّخزاد الأرمني[35]. كتب سعدٌ إلى أمير المؤمنين عُمرَ يصف له "القادسية" وما جاورها من البلدان، ويخبره أنَّ جميع مَن صالح المسلمين قبله من أهل السواد ألْبٌ لأهل فارس قد خفُّوا لهم، واستعدوا لقتالنا، ويخبره أيضًا أنَّ الفُرْس قد أعدُّوا جيشًا بقيادة رستم وأضرابه، وعسكروا في "ساباط" يحاولون إنغاضنا وإقحامنا، ونحن نحاول إنغاضهم وإبرازهم، وأمرُ الله بعدُ ماضٍ،[36].
تتابعتْ تعليمات عمر لسعد بن أبي وقاص كأنه يُدير المعركة، ويتحكَّم في حركة الجيش وسعد يُنفِّذ ما يُؤمر به[37]، فقد كتب عمر لسعد يقول: "لا يكربنَّك ما يأتيك عنهم، ولا يأتونك به، فقد أُلْقي في رُوعي أنكم إذا لقيتم العدوَّ هزمتموهم، فاطرحوا الشك، وآثروا اليقين عليه، واستعِنْ بالله وتوكَّل عليه"، وأمره الوفاء بالعهد، وحذَّره من الغَدْر وعاقبته، وأمره أن يبعثَ إلى ملك الفُرس وفدًا من أهل الرأي والمناظرة والجلد، يدعونه إلى الإسلام
يتبع👇
المفاوضات بين المسلمين والفرس
الحلقة السادسة
قبل المعركة
سار سعْد بن أبي وقاص بالجيش متمهلاً، وكان إذا مرَّ بحيٍّ من أحياء العرب نَدَبهم إلى الجِهاد. وكان المثنَّى بن حارثة قد انسحب من الحيرة، ونزل مع جنده بذي قار، ينتظر وصولَ سعد بن أبي وقَّاص إليه، فلمَّا وصل سعدٌ بالجيش إلى مكان يقال له "زرود" انتفض جُرْح المثنَّى بن حارثة، الذي أصابه يوم الجِسْر، فمات قبل أن يَلْتقي بسعد، وكان كلُّ واحد منهما مشتاقًا لرؤية صاحبه، واصَل سعد سيرَه، حتى بلغ مكانًا يقال له "شراف" فعَسْكر به. قدم المعنى بن حارثة الشيباني بوَصية أخيه إلى سَعْد وهو بـ"شراف"، وكان من وصية المثنَّى لسعد: ألاَّ يتوغَّل في بلاد الفُرْس، وأن يقاتلَهم على حدود أرْضهم، على أدْنى حجر من أرض العرب، وأدنى مَدَرة من أرض العجم، وقد أكَّد عمر ذلك في كتابٍ وصل إلى سعد وهو بـ"شراف".
كتب عمر إلى سعد وهو بـ"شراف" يأمره بنزول "القادسية"، وأن يأخذَ الطرق والمسالك على الفُرْس، وأن يجعل على أنْقاب "القادسية" مسالح لحراسة المسلمين، ومراقبة العدو، وأمَرَه أن يلزم مكانَه في "القادسية" فلا يَبرحْه، وأن يبدأهم بالشدِّ والضرب، وأن يصف له "القادسية"، ويكتب له بأخباره وأخبار عدوِّه كأنَّه ينظر إليه، وأمَره أن يكون محتاطًا حذرًا، مستعدًا للقاء عدوِّه[32].
سار سعْدٌ بالجيش من "شراف"، فنزل "العُذَيْب"، ثم سار حتى نزل "القادسية"، فعسكر على حائط "قديس"، بحيال القنطرة، وجعل الخندق وراءَه. انضمَّ إلى سعد في "القادسية" جندُ المسلمين وقادتهم في العراق، فأصبح عددُ جيش المسلمين في القادسية قريبًا من ستة وثلاثين ألفًا، منهم ثلاثمائة من الصحابة، منهم بِضعة وسبعون من أهل بدر، وسَبْعمائة من أبناء الصحابة، وعدد مِن أعلام العرب وقادتهم وفرسانهم[33]، يُعدُّ جيش المسلمين في "القادسية" أكبرَ جيش عبَّأه المسلمون لفتْح بلاد العراق[34].
ظلَّ سعدٌ مقيمًا بالقادسية شهرًا دون أن يرى أحدًا من الفُرْس، فأرسل عددًا من السرايا تُغير على شاطئ الفرات ما بين "كسكر"، و"الأنبار"، وتعود بالغنائم، أراد سعد أن يعلم خبرَ عدوِّه، فأرسل عيونًا إلى "الحيرة"؛ ليأتوه بخبر الفُرْس، فذهبوا إلى هنالك ورجعوا إليه، وأخبروه بأنَّ مَلِك الفرس "يزدجرد" قد أعدَّ جيشًا كبيرًا لمنازلة المسلمين وطَرْدِهم من العراق، وقد هيَّأ لهذا الجيش كلَّ ما تملكه دولةُ فارس من عَدد وعُدَّة وعتاد حربي، وضمَّ إليه خِيرةَ رجال الفرس وقادتهم العسكريين، أمثال: الجالينوس والهرمزان، ومهران رازي والبيرزان، وبهمن جاذويه، وغيرهم، وأسند قيادةَ هذا الجيش إلى رستم بن الفرَّخزاد الأرمني[35]. كتب سعدٌ إلى أمير المؤمنين عُمرَ يصف له "القادسية" وما جاورها من البلدان، ويخبره أنَّ جميع مَن صالح المسلمين قبله من أهل السواد ألْبٌ لأهل فارس قد خفُّوا لهم، واستعدوا لقتالنا، ويخبره أيضًا أنَّ الفُرْس قد أعدُّوا جيشًا بقيادة رستم وأضرابه، وعسكروا في "ساباط" يحاولون إنغاضنا وإقحامنا، ونحن نحاول إنغاضهم وإبرازهم، وأمرُ الله بعدُ ماضٍ،[36].
تتابعتْ تعليمات عمر لسعد بن أبي وقاص كأنه يُدير المعركة، ويتحكَّم في حركة الجيش وسعد يُنفِّذ ما يُؤمر به[37]، فقد كتب عمر لسعد يقول: "لا يكربنَّك ما يأتيك عنهم، ولا يأتونك به، فقد أُلْقي في رُوعي أنكم إذا لقيتم العدوَّ هزمتموهم، فاطرحوا الشك، وآثروا اليقين عليه، واستعِنْ بالله وتوكَّل عليه"، وأمره الوفاء بالعهد، وحذَّره من الغَدْر وعاقبته، وأمره أن يبعثَ إلى ملك الفُرس وفدًا من أهل الرأي والمناظرة والجلد، يدعونه إلى الإسلام
يتبع👇
المفاوضات بين المسلمين والفرس
تعليقات